الامية في العالم العربي مازلت مستفحلة

نصر الدين الدجبي - إذاعة هولندا العالمية - يقال
عن شخص أنه أُمي إذا لم يكن يستطيع القراءة والكتابة ولذلك فان الأمية بحسب
تعريف الأمم المتحدة هي عدم القدرة على قراءة وكتابة جمل بسيطة في أي لغة
كانت. ولكن هذا التعريف التقليدي للأمية لم يعد في الغالب متداولا في الغرب
حيث تطلق كلمة امية على من لا يجيد استخدام الحاسوب في القرن الواحد
والعشرون او ما يطلق عليه بالأمية الوظيفية.


في هذا الوقت الذي تطور تعريف الأمية ولم تعد مشكلة في جزء كبير
من دول العالم باعتبارها مرحلة تجاوزها الزمن حذرت المنظمة العربية
للتربية والثقافة والعلوم " الكسو" في بيان لها من أن أكثر من ربع سكان
الوطن العربى مازالوا محرومين من التعليم ومواصلة الدراسة وان نمو هذه
الدول العربية مرتبط بمقاومة الامية .
وتشكل الأمية عائقا كبيرا أمام المواطنين وتحرمهم من المساهمة الايجابية في
تقدم المجتمع وفعاليته وتحرمهم في نفس الوقت من الاستفادة الفرص المتاحة
في المجتمع في كافة المجالات.

وحذر الدكتور المنجي بوسنينه المدير العام للمنظمة العربية للتربية والعلوم
والثقافة (الكسو) من تفشى ظاهرة ألاميه في الوطن العربي وانعكاساتها
السلبية على التنمية الاقتصادية والبشرية وطالب بضرورة التصدي بكل الوسائل
لهذه المشكلة المعضلة ومضاعفه الجهود المبذولة حاليا من اجل تحقيق المعرفة
للجميع وانها مفتاح التقدم والازدهار والنمو.

وأعربت المنظمة في بيان أصدرته بمناسبة اليوم العربى لمحو الأمية
الموافق اليوم 8 جانفى" الكسو" عن تخوفها من عدم وجود خطط عملية وفاعلة في
اطار التقليل من نسبة محو الامية فى الوطن العربى حيث تبلغ نسبة الامية فى
الدول العربية 27,1 بالمائة اغلبها من الاناث .

ثانوية
وأكدت المنظمة في بيانها ان ملف الامية لم يرتقي الى المكانة التي يستحقها
لدى حكام الوطن العربي ولم يوضع في اولويات برامج هؤلاء الحكام وبينت ان
هذه الارقام العالية في الامية يمكن أن تمثل عقبة حقيقية أمام تحقيق أهداف
خطة تطوير التعليم فى الوطن العربى التى اعتمدتها القمة العربية فى دمشق
سنة 2008.

أرقام مخيفة
ويشير تقرير تحديات التنمية في الدول العربية لسنة 2011 إلى أن
معدل إلمام بالقراءة والكتابة في الدول العربية وصل الى 72.9 بالمائة منها
أكثر من 60 % من إناث في حين وصلت نسبة التحصيل في اغلب دول الغربية إلى
أكثر من 99 % وفي اغلبها 100 %.

ويصل عدد الاميين في الوطن العربي - ممن لا يستطيعون القراءة والكتابة
والذين سنهم فوق 15 عاما - بحسب العديد من المنظمات المختصة الى اكثر من
100 مليون نسمة من مجموع 335 مليونا . كما ان 75 مليونا اعمارهم تتراوح بين
15 و45 عاما .

وتسجل اقصى نسب الامية في الدول العربية بين المصريين بوجود 15 مليون أمي
تليها السودان والجزائر والمغرب واليمن ، في حين بلغت اعلى مستويات التحصيل
في الدول العربية بما نسبته أكثر من 90 % في كل من الكويت وفلسطين والأردن
وقطر والبحرين والإمارات.

كما يشير تقرير الرصد العالمي "التعليم للجميع" 2011 إلى وجود اكثر من 6
ملايين طفل غير ملتحقين بقاعات الدراسة في الدول العربية رغم بلوغهم سن
الالتحاق بالمدارس .

كما تتباين نسب ترك المدارس في سن مبكرة جدا للأطفال العرب بين 7 % في بعض
الدول العربية الصغيرة و30 % في دول العربية الكبيرة المساحة والسكان مما
يعني ان أكثر من سبعة مليون طفل عربي لا يذهبون للمدرسة مشكلين رافدا دائما
للامية في المجتمعات العربية.

ورغم أن الدول العربية تتصدر المرتبة قبل الاخيرة عالميا من حيث انتشار
الامية حيث تتقدم على الدول الافريقية ولكن مراقبين يتوقعون ان السياسات
المتبعة في الدول الافريقية اخذة نحو التصدي للامية والتقليص منها، مما
يؤشر أن تقدم هذه الدول الافريقية عن الدول العربية في فترة لا تتجاوز
السنة في حين لا توجد مؤشرات حقيقية للتصدي للامية في العالم العربي .

معوقات
ويرى مراقبون ان المعوقات التي تقف دون مشاريع محو الامية الكثيرة المنتشرة
في العالم العربي تتلخص خاصة في عدم تمكن الاولياء من تغطية نفقات التعليم
ثم الاسلوب التعليمي المتدني وضعف تأهيل المعلم اضافة الى المعوقات
الثقافية والاجتماعية والدينية احيانا.

الربيع العربي
كما ان الربيع العربي الذي انطلق سنة 2010 في تونس شغلته المطلبية
الاجتماعية الملحة والحراك الاجتماعي المتفاقم والإرادة السياسية
المتذبذبة عن وضع خطط ومشاريع عملية لمحو الأمية، ولذلك تطالب السكو في
بيانها الدول العربية بان تضع ظاهرة انتشار الأمية ضمن اولوياتها الملحة
وتتصدى لظاهرة الفوارق بين الجنسين المستفحلة في الدول العربية حتى تحقق
التنمية المستدامة التي قامت من اجلها الثورات العربية.